أخبار محلية

نيران من تحت الرماد في صنعاء وسياسيان يتحدثان عن شروط “الشرارة” التي ستقلب الطاولة على الحوثيين..


———-

تشهد صنعاء العاصمة الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية عودة العبارات المنددة بالممارسات الحوثية للظهور في بعض شوارع صنعاء وعدد من المدن الخاضعة لسيطرة الميليشيا على خلفية الأزمة الخانقة في البنزين والغاز المنزلي الذي تسببت بها إجراءات حوثية مفتعلة من بينها منع شاحنات نقل المشتقات النفطية القادمة من المحافظات المحررة لإفراغ حمولاتها تحت مبررات واهية كشفت عنها تصريحات مسؤولين في مؤسسة النفط والغاز الحوثية.

وتوقع مراقبون أن تشهد الفترة المقبلة تطورات مهمة على صعيد الغليان الشعبي المتعاظم في مناطق سيطرة الانقلاب الحوثي، مع تفاقم الفقر وانعدام الخدمات وتصاعد الممارسات الحوثية القامعة لحرية التعبير.

بنك الأمل يوقف عمله بسبب فعل فاضح لأحد قيادات المليشيا

وقال القيادي السابق في ميليشيا الحوثي، علي البخيتي، في تصريح لـ”العرب” إنه “مع كل القمع الذي يمارسه الحوثيون في مناطق سيطرتهم، والذي وصل إلى حد الإرهاب، إلا أن المظاهرات بدأت تخرج في بعض شوارع صنعاء المكتظة بالسكان، والذين بات أكثرهم قريبين من حد الجوع”.

وأضاف البخيتي “أدرك الكثير ولو متأخرًا أن ذرائع عناصر الحوثي التي يبررون بها ارتفاع الأسعار وانعدامها ليست صحيحة، إذ أن الفقر والعوز ونقص تلك السلع لا تظهر إلا على المواطنين البسطاء، حتى من المتأثرين بخطاب الحركة الشعبوي السياسي، بينما قادة الحركة وأعضاؤها وبالأخص من المنتمين لـ”الهاشميين” لا يتأثرون مطلقًا بالحرب، وعلى العكس زادت ثرواتهم وظهرت عليهم النعمة في بيوتهم واستثماراتهم وعلو عمائرهم وكروشهم، وهذا ما بدا واضحًا للغالبية، إذ أن الحركة قسمت اليمنيين إلى طبقتين، طبقة انتهازية تعيش عالة على الطبقة الأخرى، إذ لا يعملون في أي شيء سوى أنهم منتمون إلى الحركة وقادة فيها، وهذا وحدة كاف لتتراكم لديهم ثروات هائلة في أكثر الفترات صعوبة على البقية”.

وعن رؤيته لمآلات الغضب الشعبي ضد الحوثيين، قال البخيتي “تحتاج المناطق التي تخضع للحوثيين لشرارة فقط وستشتعل الأرض من تحت أقدامهم، ولن نستغرب إذا رأينا المواطنين يجرون قادة الحركة في الشوارع، في كل قرية ومنطقة وحيّ وشارع، لكن تلك الشرارة تحتاج إلى ظهير يحميها، ومشروع يوحد صفها، وهذا للأسف ما تفقده القوى التي تواجه الحوثيين، فمن كثرة الخيبات التي أصابت مناطق تمردت ثم تركت تلقى حتفها أصبح المواطن أكثر حذرًا، لكنه جاهز ومنتظر للحظة التاريخية، وهي إسقاط سلطة الحوثيين، وحتمًا ستأتي”.

ويعمد الحوثيون إلى اتباع سياسة ممنهجة للتجويع والعقاب الجماعي في مناطق سيطرتهم بهدف تحقيق غايات سياسية والضغط على المجتمع الدولي والأمم المتحدة لانتزاع مزايا جديدة في استيراد المشتقات النفطية عن طريق شركات مملوكة لقيادات بارزة في الجماعة، إلى جانب تحميل الحكومة المعترف بها دوليا والتحالف العربي مسؤولية تدهور الخدمات نتيجة ما دأب الخطاب الحوثي على وصفه بالحصار.

من جانبه، يقول الباحث السياسي اليمني فارس البيل إن “جماعة الحوثي الإرهابية واجهت منذ جاءت شعبًا حليماً كاليمنيين، صبر على بطشها ونهبها وإذلالها له، وكتم أوجاعه وفاقته وفقره”، مرجعا ذلك حسب تعبيره إلى “القمع والترويع وأساليب العنف التي تمارسها ميليشيا الحوثي”.

واستدرك البيل قائلا: “لكن اليمني بطبعه صبور، وقدرته على التحمل وتقبل شظف العيش كبيرة، غير أن صبره ينفد وحلمه لا يطول إذا ما وصل حاله إلى أقسى ما يكون، فقد صبر اليمنيون أكثر من سبع سنوات على كل رعونة ميليشيا الحوثي ولصوصيتها، ووجدوا أنهم غير قادرين لوحدهم على مواجهتها، لكن لهذا الصبر مدى، صحيح أنهم منذ البداية غير راضين عن هذه الميليشيا ويرفضونها بكل ما جاءت به، غير أن طبيعة المواجهة وغشامة الحوثي ألجأت اليمني إلى الصمت”.

وعن تصاعد حالة الغضب الشعبي في مناطق سيطرة الحوثيين في الآونة الأخيرة، يقول البيل “نلحظ الآن أن الرفض تحول من حالة الكبت والصمت إلى التعبير العلني والكتابة على الجدران، ووسائل التواصل وفي داخل شوارع صنعاء ومناطق بطش الحوثي؛ فإن ذلك لا يأتي إلا وقد نفدت كل أوجاع اليمني ولم يبق له سوى وجع الموت لمواجهة هذه الميليشيا بالعلن، والذين يعرفون خصائص هذا الشعب؛ يدركون أنه عندما يتململ، فإنه قد ضاقت كل أحواله، وهذا التململ هو بداية عنفوانه وثورته، وأيا تكن التفسيرات، فإن الجوع والقهر هما الوقود الأخير الذي يدفع اليمني لاقتلاع هذه الميليشيا. وصحيح أن اليمني لم يستسلم لها، لكنه ظل يحتال عليها، وسيصل إلى مرحلة المواجهة حتماً، فما فعلته الحوثية في اليمنيين في أعوام قليلة لم تفعله الدهور والأزمان من قبل، ويكاد بطش ميليشيا الحوثي ونهبها يفوق كل نهب وبطش لأيّ جماعة في التاريخ”.

وعن دوافع هذا الحراك الشعبي، يشير البيل إلى أن “اليمني يرى أفراد هذه الجماعة يثرون بفحش كبير، وأبناء البلد يتضورون جوعاً، وقد وصلت مأساتهم لتسجل كأكبر كارثة إنسانية على وجه الأرض. ولذلك فإنه بقدر ما أجرمت به ميليشيا الحوثي في زمن قصير؛ فإن عقابها سيكون كبيراً، والظلم الكبير الذي جاءت به الميليشيا سيرتد نقمة كبيرة لم تحدث من قبل في وجه هذه الميليشيا”.

وتابع “أدرك أن اليمنيين مهما جارت عليهم المشكلات؛ فإنهم لا يرضون بالذل، وعندما يستنفد صبرهم، فأنا على يقين أن انتقامهم لن يكون له مثيل، فبقدر وحشية الميليشيا؛ بقدر ما سيكون مصرعها، فقد جنت على أحلم الشعوب وأرقها وأكثرها صبراً وأناة، لكنه شعب إذا ما ثار فثورته نار، ولأن الحوثي ظن أن التجويع سبيل قمع اليمنيين وإذلالهم لأجل بقائه، فإنه سيرتد عليه وسيكون الجوع هو الخنجر الذي يمزقه”.